114. الاحنف و معاوية
لما ولى معاوية ابنه يزيد ولاية العهد بعده ، قدمت الوفود على معاوية ، ومن بينهم الاحنف بن قيس ، فأمره معاوية ان يتحدث مع يزيد على انفراد ، ثم قام الاحنف من عند يزيد فسأله معاوية : ماذا رأيت من ابن اخيك ؟ فقال : إنا نخاف الله إن كذبنا و نخافكم إن صدقنا وأنت أعلم به في ليله و نهاره ، وسره و علانيته ، و مدخله و مخرجه ، و انت اعلم بما اردت ، و إنما علينا أن نسمع و نطيع ، وعليك أن تنصح الأمة.
115. اللهم العن الباغي منها
حُكي أن معاوية بينما هو جالس في بعض مجالسه و عنده وجوه الناس فيهم الأحنف بن قيس ، إذ دخل رجل من أهل الشام فقام خطيبا ، و كان آخر كلامه أن لعن علياً – رضي الله تعالى عنه و لعن لاعنه - ، فقال الأحنف : يا أمير المؤمنين إن هذا القائل لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين للعنهم فاتق الله يا أمير المؤمنين ودع عنك عليا - رضي الله تعالى عنه - فقد لقي ربه ، و أفرد في قبره ، و خلا بعمله ، و كان والله المبرور سيفه ، الطاهر ثوبه ، العظيمة مصيبته .
فقال معاوية : يا أحنف لقد تكلمت بما تكلمت ، و أيم الله لتصعدن على المنبر فتلعنه طوعاً أو كرهاً . فقال له الأحنف : يا أمير المؤمنين إن تعفني فهو خير لك ، و إن تجبرني على ذلك فوالله لا تجري شفتاي به أبداً . فقال : قم فاصعد . قال : أما والله لأنصفنك في القول و الفعل . قال : وما أنت قائل إن أنصفتني ؟ قال : أصعد المنبر فأحمد الله و أثني عليه و أصلي على نبيه محمد (ص) ثم أقول : أيها الناس إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن عليا ألا و إن معاوية و عليا اقتتلا فاختلفا فادعى كل واحد منهما أنه مبغيّ عليه ، و على فئته ، فإذا دعوت فأمّنوا رحمكم الله ، ثم أقول : اللهم العن أنت و ملائكتك و أنبياؤك و جميع خلقك الباغيَ منهما على صاحبه ، و إلعن الفئة الباغية ، اللهم العنهم لعنا كثيرا . أمّنوا رحمكم الله . يا معاوية لا أزيد على هذا ولا أنقص حرفا ولو كان فيه ذهاب روحي . فقال معاوية : إذاً نعفيك يا أبا بحر .
المصدر : المستطرف 1/81
116. حول مقتل حجر
قال معاوية للحسين بن علي : يا أبا عبدالله , علمت أنّا قتلنا شيعة أبيك , فحنطناهم و كفناهم , و صلينا عليهم , ودفناهم ؟ فقال الحسين : حجوك ورب الكعبة . لكنا والله إن قتلنا شيعتك ما كفناهم ولا حنطناهم , ولا صلينا عليهم و لا دفناهم.
وقالت عائشة لمعاوية حين حجّ ودخل عليها : يا معاوية ! أقتلت حجراً و أصحابه . فأين عزب حلمك عنهم ؟ أما إني سمعت رسول الله يقول : يُقتل بمرج عذراء نفر يغضب لهم أهل السماوات. قال : لم يحضرني رجل رشيد يا أم المؤمنين.
و رُوي أن معاوية كان يقول : ما أعدّ نفسي حليما بعد قتلي حجراً و أصحاب حجر.
المصدر : تاريخ اليعقوبي 2/142
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق