21- النجاح في الابتلاء
قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ 94)) المائدة .
في هذه الآية امتحان للمؤمنين ، فقد حرم عليهم صيد البر وهم حرم ، كما نرى في الآية الأخرى بل كما هو مسلّم عندهم على فرض أن الآيات الصريحة في حرمة قتل الصيد حرماً نزلت بعد ، ولم تنزل قبل ، أو دفعة واحدة مع هذه الآية كما هو الراجح . المهم هو ان هذا الامتحان للمؤمنين بأن ابتلاهم بالعديد من أنواع الصيد سواء الذي يمكن أن ينال باليد كالبيض وفراخ الطيور ، بل وكل ضعيف من الحيوان لا يحتاج صيده الى جهد كبير .
أو كان صيداً كبيراً وقوياً ولكن الله أمكنهم منه بصيده بالرماح .
وهذا الامتحان كان وقت إحرامهم في عمرة الحديبية ، وقد نجح المسلمون في هذا الامتحان فلم يقربوه .. ومن وطأه أو قتله خطأ فعليه كفارة ، كلما تكرر منه ذلك الخطأ ..
ومن تعمد فعليه كفارة في المرة الأولى . و انتقام إلهي في المرات اللاحقة .
ويلاحظ أن العقاب هنا فردي لأن القتل للصيد فردي ، ولم يشر إلى عقاب جماعي .
على عكس ما حدث لأصحاب السبت الذين نهوا عن الصيد البحري يوم السبت ، فإنهم فشلوا في هذا الامتحان و أصروا على الصيد بحيل مختلفة كعمل شباك و أحواض يدخل السمك فيها يوم السبت ليأخذوها من البحر يوم الأحد . ولما نهوا عن ذلك لم ينتهوا .. ولم يكونوا أفراداً قلائل بل كانوا جماعات ، فمسخهم الله قردة و أنجى الذين ينهونهم عن ذلك .
ولا يتبادر لأحد بأن القرد كان أنساناً فمسخ ، بل أن القرد كان خلقاً مستقلاً ، فلما غضب الله على الصائدين في يوم السبت مسخهم قردة ثم أماتهم بعد فترة قصيرة ولم يتناسلوا فالقردة الموجودن هم قردة لا مسوخ . بقي لنا أن نتأمل في الآية : ((لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ)) فإن الله سبحانه و تعالى لا يحتاج الى الامتحان ليعلم من يخافه بالغيب ، ولكن الامتحان ضروري لتحقق الوجود خارجاً وأمام الناس فلا تكون لهؤلاء حجة على الله في عقابهم ، فيتطابق العلم الأزلي مع ما تحقق خارجاً ..
وقرأ الزهري الآية بصيغة (ليُعلِمَ) أي ليظهر ذلك للآخرين كما ورد في معجم القراءات القرآنية لمجموعة من الأساتذة في جامعة الكويت – الجزء الثاني ص236 تحت مسلسل 1996 في ذكر الآية 94 من المائدة – موضوع بحثنا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق