1- ((وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً 83 )) البقرة



تأديب إلهي عظيم ، يعلمنا كيف نخاطب الناس . وكيف نتحدث معهم بغضّ النظر عن أديانهم ومذاهبهم وأفكارهم . ورغم أن هذا الخطاب قد جاء في القرآن الكريم موجها لليهود ، إلا أنه يحمل توجيها عاما لكل الناس ، بل إن هناك آيات عديدة في كتاب الله تؤكد هذا التوجيه العام مثل قوله تعالى : ((وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ 53 )) الإسراء . والمقصود بالعباد هم كل الناس ، كما يستفاد ذلك من آيات أخرى مثل : ((إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ 42 )) الحجر

كما ورد بالدفع بالحسنى (( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ 34 )) فصلت . فالمعاملة بالحسنى تحوّل حتى العدو – في الأعم الأغلب – إلى صديق قريب .

بل حتى إذا اختلفت مع هذا العدو وأردت جداله فليكن هذا الجدال مؤدبا : (( وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ 125 ))النحل .

وقد ورد عن رسول الله (ص) : ( الكلمة الطيبة صدقة ) . والصدقة هنا كما أنها تحل جانب الخير مثل ماهو معروف ، فإن أبرز مافيها أنها تحمل جانب الصدق مع الله سبحانه وتعالى ومع الناس .

ومايتعرض له كثير من الناس من بلاء راجع في كثير منه إلى كلمة السوء ، في مواجهة الآخرين بالكلام النابي ، وكيل الإتهامات والشتائم بسبب أو بدون سبب .. وإعتبار المتكلم نفسه على حق لاريب فيه والآخر على باطل عقيدةً وفكراً وتوجهاً وممارسةً .. وبإختصار فاسداً من جميع الوجوه ، ولاعلاج له ولا إصلاح له – في نظر المتكلم – ومن ثم فجزاؤه السباب والتخوين والقذف بل والعمل على إجتثاثه بأي وسيلة ممكنة ، قد تصل إلى قتله ، أو حتى قتل المتكلم معه ، من باب ( أقتلوني ومالكاً ) .
وقبلاً قال العرب : ( الحرب مبدؤه الكلام ) .
وهذا الكلام الموجه للآخرين هو بداية حرب ، بل هو الحرب فعلاً .

فمتى يرجع هؤلاء السبابون المحاربون إلى رشدهم ويقولون للناس حسنا كما أمر الله عز وجل ؟

31/10/2011

الثلاثاء، 19 يونيو 2012




195.    الوليد بن عقبة واليا
عن ابن دأْب قال : لما ولّى عثمانُ رضي الله عنه الوليدَ بن عقبة الكوفة قدمها و عليها سعد ابن أبي وقاص ، فأخبر بقدومه ، فقال : و ما صنع ؟ قال : وقف في السوق فهو يحدِّث الناس هناك ، و لسنا ننكر شيئاً من شأنه ، فلم يلبث (الوليد) أن جاءه نصف النهار ، فاستأذن على سعد فأذن له ، فسلم عليه بالإمرة و جلس معه ، فقال له سعد : ما أقدمك أبا وهب ؟ قال : أحببتُ زيارتك . قال : و على ذلك أجئت بريداً ؟ قال : أنا أرزن من ذلك ، ولكن القوم احتاجوا الى عملهم فسرحوني إليه ، وقد استعملني أمير المؤمنين على الكوفة ، فلبث (أي سعد) طويلاً ثم قال : لا والله ما أدري أصلحتَ بعدنا أم فسدنا بعدك ؟
(وفي رواية) العوام بن حوشب : أنه لما قدم (الوليد) على سعد ، قال له سعد : ما أدري أكِسْتَ (أصبحت كيّساً) بعدنا أم حَمُقْنا بعدك ؟ فقال : لا تجزعنّ أبا اسحاق ، فإنما هو المُلْك يتغذاه قوم و يتعشاه آخرون ، فقال له سعد : أراكم والله ستجعلونه مُلْكا .
المصدر : الأغاني 5/136-137

196.    الوليد بن عقبة يصلي و هو سكران
قال أبو عبيدة و هشام بن الكلبي و الأصمعي : كان الوليد بن عقبة زانياً شريب الخمر ، فشرب الخمر بالكوفة (لما كان والياً عليها) و قام يصلي بهم الصبح في المسجد الجامع ، فصلى بهم أربع ركعات ، ثم التفت إليهم و قال لهم : أزيدكم ؟ و تقيأ في المحراب ، و قرأ بهم في الصلاة و هو رافع صوته :
علق القلب الربابا=بعدما شابت و شابا
(فأخبر عثمان بذلك ، و أقيم عليه الحد ، جلده بذلك علي إبن أبي طالب (ع)) فقال رجل من بني عجل :
نادى وقد تمت صلاتهمُ=أأزيدكم- ثَمِلاً – وما يدري
ليزيدهم خيراً و لو قبلوا=لقرنتَ بين الشفع و الوتر
فأبوا أبا وهب ولو فعلوا=وصلتْ صلاتهمُ الى العشر
المصدر : الأغاني : 5/139-140

197.    شاهد سكران عند قاضٍ جاهل
عن عمر بن شبّة قال : شهد رجل عند أبي العجاج ، وكان على البصرة (أي قاضياً) على رجل من المعيطيين (أي من آل أبي معيط) شهادة ، وكان الرجل الشاهد سكران ، فقال المشهود عليه وهو المعيطي : أعزّك الله إنه لا يُحسن أن يقرأ من السُكْر ، فقال الشاهد : بلى إني لأُحسن ، فقال : إقرأ ، فقال :
علق القلب الربابا=بعدما شابت و شابا
قال (الراوي) : و إنما تماجن بذلك على المعيطي ، ليحكي به ما صنع الوليد بن عقبة في محراب الكوفة وقد تقدم للصلاة و هو سكران فأنشد في صلاته هذا الشعر . و كان أبو العجاج محمّقاً فظن أن هذا قرآن ، فقال : صدق الله و رسوله . ويلكم ! فلم تعلمون ولا تعملون ؟
المصدر : الأغاني 5/141

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق