30- من الموحى إليه؟
قال تعالى : ((فَلَمَّا
ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا
إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ 15)) يوسف.
ما تداوله جمهور المفسرين حول هذه الآية أن ((وَأَوْحَيْنَا
إِلَيْهِ)) يقصد به يوسف (ع) . وأن جبريل نزل عليه في البئر وأخبره
بأنه – أي يوسف – سوف ينبيء أخوته بهذا الأمر أي ما لقي منهم من السوء ، وهم لا يشعرون.
و وردت رواية بهذا المعنى عن أبي الجارود عن الإمام
الباقر (ع) وما دام لا نعرف مدى صحة هذه الرواية لنسلم بما ورد عن طريق أهل البيت
(ع) فإننا في سعة من أمرنا لنتأمل في تفسير الآية.
إن يوسف (ع) لما كان في البئر لما يكن نبياً بعد
، فكيف يُوحى إليه وكيف ينزل عليه جبرئيل (ع) ؟ ثم كيف سينبيء أخوته بهذا الأمر وهم
لا يشعرون ، ما معنى ((لاَ يَشْعُرُونَ)) ، إنهم ينكرون معرفته ، أما عند انبائهم فهم حتما سيشعرون و في كامل حضورهم
، إلا أن يحمل ((لاَ يَشْعُرُونَ)) على أنهم لا يعرفونك قبل لحظة الانباء.
ويمكن أن يوجه تفسير الآية بهذا النحو :
إن يعقوب (ع) لما رفض أن يسلم يوسف الى اخوته خوفاً
عليه ذكر القرآن رفضه وخوفه : ((قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ
بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ 13)) يوسف.
فردوا عليه : ((قَالُواْ
لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ 14)) يوسف.
فيمكن أن نفسر الآية – موضوع بحثنا – ((فَلَمَّا
ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا
إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ 15)) يوسف ، أن يعقوب (ع) نزل عليه الوحي معاتباً أو منبّهاً ان أبناءك كانوا
حائرين في تلفيق حجة إليك بعد أن يتخلصوا من يوسف فقمت أنت بتلقينهم الحجة وهم لا يشعرون
ولا يعرفون هذه الحجة من قبل .
وأتصور أن هذا التفسير ينسجم مع الوحي فهو الى يعقوب
.. و إلى ((لاَ يَشْعُرُونَ)) حيث ما كانوا عارفين لمثل هذه الحجة الكاذبة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق