26 – دين الملك
قال تعالى : ((فَلَمَّا
جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ
مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ70 قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ
عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ 71 قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن
جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ 72 قَالُواْ تَاللَّهِ لَقَدْ
عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ 73 قَالُواْ
فَمَا جَزَاؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ 74 قَالُواْ جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي
رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ 75 فَبَدَأَ
بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ
كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ
إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي
عِلْمٍ عَلِيمٌ 76)) يوسف.
تسوق الآيات ما حدث
لإخوة يوسف لما أن جهزهم بجهازهم ، وجعل السقاية في رحل أخيه ، ثم أذن مؤذن أيتها العير
إنكم لسارقون ، وما دار من حوار.
ومن أن إخوة يوسف
أنكروا هذه التهمة ، فسألهم من مع يوسف : ما هو جزاء السارق عندكم ؟ أي في شريعة يعقوب
؟ فأجابوه أن جزاء السارق عندنا هو أن يكون مملوكاً للمسروق.
وتم تفتيش القافلة
فوجدت السقاية أو الصواع في رحل بنيامين – أخي يوسف – فطبق عليه يوسف ما ورد في شريعة
يعقوب من أسره و تملكه – ظاهراً - .
تقول الآية : ((كَذَلِكَ
كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ 67)) يوسف .
ومعناه هذه الحيلة
علمناها يوسف ، ما كان يوسف يستطيع أن يأخذ أخاه – كسارق – ويتملكه في قانون و قضاء
ملك مصر ، فإن قانونه و قضاءه مختلف كأخذ ضعف قيمة المسروق كما ورد في بعض الروايات
، أو ربما أنواع أخرى فالدين هنا هو القانون .
ونفهم ذلك أيضاً مما
ورد في سورة النصر ((وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي
دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا 2 )) فإن الداخلين هنا ليس في دين الله حقيقة ، فهم
إما لجأوا الى بيت أبي سفيان أو منزل حكيم بن حزام أو أنهم أغلقوا عليهم أبواب منازلهم
وكفوا أيديهم فهم مستسلمون لنظام النبي ومذعنين له .. لا أنهم مؤمنون به .. ولم ينطقوا
بالشهادتين حتى مجرد النطق .. وهم معفو عنهم فهم طلقاء .. ولم يجيبوا النبي لما عفا
عنهم حتى بالنطق بالشهادة .
نعم نطقوا بالشهادة
في ما بعد بأسلوب فردي .. فهم لم يدخلوا في دين الله – الدين العبادي الحقيقي – أفواجا
– بل أفرادا .. بل إن الرسول (ص) لم يستدعيهم لا أفراداً ولا جماعات للنطق بالشهادتين
.. بل اكتفى منهم بالاذعان إليه والانضواء تحت نظامه .. وهذا معنى الدين هنا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق