22-تزيين الاعمال
قال تعالى : ((ولا تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ 108)) الأنعام.
يوضح القرآن الكريم كيفية الدعوة لله , ومجادلة الخصم بالحسنى كما ورد في الآية: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ 125)) النحل .
وكما ورد في آية أخرى ((ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ 96)) المؤمنون
وفي الآية موضع البحث ينهى الله المؤمنين أن يتعرضوا إلى الكفار وأعلامهم بالسباب والشتم, لأن ذلك سيؤدي إلى ان يرد الكفار بسبّ الله سبحانه وتعالى , فيكون المؤمنون هم السبب في ذلك.
ورد عن الإمام الصادق(ع) لما سئل عن الشرك الخفي الذي ورد في قول النبي (ص): (إن الشرك اخفى من دبيب النمل على صفوانة سوداء في ليله ظلماء). صفوانة أي صخرة انه قال (ع) : (كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون الله , فكان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون فنهى الله المؤمنين عن سب آلهتهم لكيلا يسب الكفار إله المؤمنين , فكأن المؤمنين قد أشركوا من حيث لا يعلمون).
وهذا درس بليغ لنا في ألا نتعرض إلى عقائد الآخرين وأئمتهم - رغم علمنا بخطئهم بما يثير غضبهم علينا, ويشعل الفتنة , سواء كان مع الكفار, بل حتى مع الفرق الاسلامية الأخرى.
وقد نهى الإمام علي (ع) أصحابه أن يسبوا أهل أصحابه أن يسبوا أهل الشام (إني أكره لكم ان تكونوا سبابين) وأمرهم بالدعاء لهم بالهداية, والنهي هنا لا يصادر العمل بالاحتجاج وتوضيح الحجج للخصم.
ولكن ما معنى: ((وكذلك زينا لكل أمة عملهم))؟فهل يعني أن الله-جل وعلا- زين أيضا للكافرين عملهم, وهو إغراء بالمعصية والكفر,وهذا لا يمكن قبوله, فإن الشيطان هو الذي يزين ((وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ 24)) النمل . أما لله سبحانه و تعالى فإنه((حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ 7)) الحجرات ، وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان مكرّها للمؤمنين ,فهو مكرّه لكل الناس ,حيث يقول سبحانه وتعالى ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ 90)) النحل.
واذا ينهى عن ذلك فكيف يزينه لمن ياتيه إذن فما هو توجيه الآية الكريمة ؟
المعنى الاول:
انه كما زين الله لكم أيها المؤمنون أعمالكم والمقصود ما يجب ان تاتوه من اعمال –وارشدكم في ما ارشد الى عدم سب الكافرين حتى لا يسبوا الله سبحانه وتعالى , في ما ارشد-الى عدم سب الكافرين حتى لا يسبوا الله سبحانه وتعالى , فقد زيّن للأمم المؤمنة السابقة هذا الامر ونهاهم أن لا يسبوا الكافرين حتى لا يقعوا في المحذور.
المعنى الثاني:
أن الله كما زين لكم اعمالكم بتوجيهكم ونهيكم الا تاتوا عملا الا ان يكون زينا وله عواقب صالحة. فإن الله سبحانه وتعالى هذا عمله دوما مع كل الامم حيث يرشدهم الى الاعمال الصالحة ويزينها لهم حتى يقبلوا عليها كما ورد في الآية : ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ 90)) النحل .
ولكن الله لا يجبرهم على هذه الاعمال فالناس مخيرون في ذلك وسوف يرجعون الله فيبرز لهم اعمالهم ويحاسبهم عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق