19- طعام أهل الكتاب
قال تعالى : ((الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ 5)) المائدة .
هذه الآية توضح حلية طعام أهل الكتاب من اليهود و النصارى وحتى المجوس حيث توضح الروايات أن المجوس كانوا أهل الكتاب ، عصوا ربهم فرفع كتابهم ، فعوملوا معاملة أهل الكتاب ، وإن كنا لا ندري ما اسم كتابهم ولا اسم نبيهم الذي بُعث بهذا الكتاب ولا زمانه .
فهل كل طعام أهل الكتاب حلال لنا ، يعني حتى ذبائحهم وهو موضع الابتلاء ..
إن هذه الآية مقيدة و مخصصة بآية ((وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ121)) الانعام .
ورغم أن سورة المائدة نزلت آخر السور وهي كما يقال ناسخة غير منسوخة .. إلا أن قاعدة التذكية (التي هي ذبح المسلم مع تسميته) ثابتة و حاكمة على غيرها من الآيات سواء نزلت قبل أو بعد .
ولا يرد أن كلمة (طعام) فيها إطلاق ، ومن ثم كل طعام أهل الكتاب هو حلال لنا ، لأن الروايات و السيرة المنقولة عن النبي (ص) والمتشرعة من بعده حددت لنا هذا الطعام الكتابي المباح لنا . كما ورد عن ابي عبدالله الصادق (ع) لما احتج أحدهم بالآية قال له (ع) : (إنما ذلك الحبوب و أشباهه).
و إذا كان المقصود الطعام هو الحبوب و أشباهه ، فالحبوب بداهة حلال و لا تحتاج الى تشريع حليتها ، وهذا ما يوهم بعضهم إلى انصراف الآية الى اللحوم الكتابية .
ولكن هذا الوهم يرتفع إذا لاحظنا أن المقصود من الحبوب ليس الحبوب الجافة كما ربما يتصور البعض .. وإنما هي الحبوب المطبوخة كالهريسة (بدون لحم) والرز و العدس و ما شابه .. و عليه فإن هذه الحلية تريد أن ترشد الى طهارة طبخ أهل الكتاب لهذه الأغذية و جواز أكلنا لها .. و أنهم غير نجسين بكفرهم .. وإنما النجاسة عرضية شأنهم شأن أي مسلم لا يتقي النجاسة فإذا كان لا يتقي النجاسة لا يجوز لنا الأكل من عنده .
ويشير صاحب الميزان (ره) إلى ذلك : (والاكل مما يؤخذ منهم من الحبوب ، والأغذية المتخذة من ذلك كالخبز و الهريسة و سائر الأغذية التي تتخذ من الحبوب و أمثالها إذا عملها أهل الكتاب) . (الميزان 6/214 تفسير سورة المائدة).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق