4. اسم محمد
قال السهيلي في كتاب (الروض الأنُفُ) : لا يُعرف في العرب من تسمّى بهذا الاسم (محمد) قبله (ص) إلا ثلاثة طمع آباؤهم حين سمعوا بذكر محمد (ص) و بقرب زمانه و أنه يبعث في الحجاز ، أن يكون ولد لهم ، ذكرهم ابن فورك في كتاب (الفصول) وهم :
· محمد بن سفيان بن مجاشع جدُّ جدِّ الفرزدق الشاعر .
· والآخر محمد بن أحيحة بن الجلاح ، وهو أخ من الأم لعبدالمطلب جد رسول (ص) .
· والآخر محمد بن حمران من ربيعة .
وكان آباء هؤلاء الثلاثة قد وفدوا على بعض الملوك ، وكان عنده علم الكتاب الأول ، فأخبرهم بمبعث رسول (ص) و باسمه ، وكان كل واحد منهم قد خلّف امرأته حاملاً ، فنذر كل واحد منهم إن وُلِد له ذكر أن يسميه محمداً ، ففعلوا ذلك .
المصدر : وفيات الأعيان 5/82
5. محمد أصدق الناس
لما تلا رسول الله (ص) ((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى)) قال عتبة بن أبي لهب كفرتُ برب النجم . فقال (ص) : سلّط الله عليك كلبا من كلابه . فخرج مع أصحابه في عير الى الشام ، حتى إذا كانوا بمكان يقال له الزرقاء زأر الأسد ، فجعلت فرائصه ترعد ، فقالوا : من أي شيء ترعد فرائصك ؟ فوالله ما نحن و أنت إلا سواء . فقال لهم : إن محمداً دعا عليّ ، ولا والله ما أظلت السماء من ذي لهجة أصدق من محمد . ثم وضعوا العشاء فلم يدخل يده فيه ، ثم جاء النوم فحاطوا أنفسهم بمتاعهم و وسطوه بينهم و ناموا . فجاء الأسد يهمس يستثني رؤوسهم رجلاً رجلاً حتى انتهى إليه فضغمه ضغمة كانت إياها . فسُمع وهو بآخر رمق يقول : ألم أقل لكم أن محمداً أصدق الناس .
المصدر : ربيع الأبرار للزمخشري 5/373
6. حياة الأنبياء
وعنه (علي بن أبي طالب (ع) ) :
ولقد كان في رسول الله كافٍ لك في الأسوة , و دليل على ذم الدنيا , و كثرة مساوئها , اذ قبضت عنه أطرافها , ووطنت لغيره أكنافها . و إن شئت ثنيت بموسى كليم الله إذ يقول : إني لما أنزلت إليّ من خير فقير . والله ما سأله إلا خبزاً يأكله, لأنه كان يأكل بقلة الأرض . ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه , لهزاله و تشذب لحمه.
و إن شئت ثلثت بداود صاحب المزامير و قارئ أهل الجنة, فقد كان يعمل سفائف الخوص بيده , ويقول لجلسائه : أيكم يكفيني بيعها ؟ و يأكل قرص الشعير من ثمنها.
و إن شئت قلت في عيسى بن مريم , فلقد كان يتوسد الحجر و يلبس الخشن , و كان إدامه الجوع , وسراجه بالليل القمر , و فاكهته و ريحانه ما تنبت الأرض للبهائم . و لم تكن له زوج تفتنه , ولا ولد يحزنه و لا مال يلفته, ولا طمع يذله , دابته رجلاه , وخادمه يداه.
فتأس بنبيك , عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها , وعلم أن الله أبغض شيئاً فأبغضه , و صغر شيئاً فصغره . و لو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله , و تعظيمنا ما صغر الله لكفى به شقاقاَ لله و محادة عن أمره.
ولقد كان (ص) يأكل على الأرض , ويجلس جلسة العبد, و يخصف بيده نعله , و يرقع بيده ثوبه , ويركب الحمار العري , ويردف خلفه . ويكون الستر على باب بيته فيه التصاوير ,فيقول يا فلانة غيبيه عني , فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا و زخارفها . فأعرض عن الدنيا بقلبه و أمات ذكرها عن نفسه , و أحب أن يغيب زينتها عن عينه. و لقد كان لك في رسول الله ما يدلك على مساوئها و عيوبها , إ ذ جاع فيها مع خاصته , و زويت عنه مع عظيم زلفته , فلينظر ناظر بعقله أأكرم الله محمداً بذلك أم أهانه؟ فإن قال : أهانه , فقد كذب و العظيم . و إن قال : أكرمه فليعلم أن الله قد أهان غيره حيث بسط الدنيا له و زواها عن أقرب الناس إليه.
خرج من الدنيا خميصاً ، وورد الآخرة سليماً . ولم يضع حجراً على حجر ، فما أعظم منة الله عندنا حين أنعم به علينا سلفاً نتبعه ، و قائداً نطأ عقبه ! والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى أستحييت من راقعها ، و لقد قال لي قائل : ألا تنبذها ؟ فقلت : أغرب عني ، فعند الصباح يحمد القوم السُّرى .
المصدر : ربيع الأبرار للزمخشري 5/342
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق